يا له من شهر بائس وسيء، كنت متفائله لحد كبير بأمر هذه السنة
للحد الذي جعل الحياة تسخر مني وتدفعني لأقع على وجهي كالحمقاء
وأجد الأرض متشققة أسفلي، مهتزة وغير ثابتة، المباني سقطت على سكانها
وجدارنا تصدع مزخرف بالكسور! لا استطيع تخطي تلك الليلة حيث كان كل شيء يهتز
للحد الذي جعلني أشعر بالدوار والغثيان فكيف لي ان اوقف هذا الشعور، إلى أين أخرج؟!
جميعنا في تلك اللحظة شعرنا بأن القيامة قد حلت! لا سيما وأني قرأت قبل هذه الكارثة مقالاً
يقول بأن لب الأرض قد أخذ يتباطئ ويتوقف عن الدوران
مع احتمالية تغير جهة طلوع الشمس والتي تكون من علامات يوم القيامة
في تلك اللحظة التي كان سريري يهتز، سؤال واحد كان برأسي
" هل ما زالت أبواب التوبة مفتوحة؟"
لا أستطيع وصف ذاك الشعور حقاً! ليتني.. ليتني.. مع كثير من الاذكار التي تتكرر على لساني بذعر
وعندما هدأ كل شيء أخيراً وتحرك الزمن بطبيعية شعرت كما لو انها فرصة أخرى
لم أكن اتوقع ان هذه الليلة سببت دماراً مهولاً، انا فقط كنت قلقة من سقوط خزانة ثيابي فوق رأسي
لم أكن أعلم بأن هناك من سقط منزله بأكمله فوق رأسه
اليوم الثاني كان كارثي! وما تنقله وسائل الإعلام ما هو إلا حيز من فيض كوارث..
هناك من بقي عالقاً تحت الأنقاض لخمسة أيام، مجرد التفكير كيف كان محتجزاً تحت الأرض تُرهبني
كوني إنسانة لديها فوبيا من الأماكن المغلقة، قد أموت وحدي حتى لو لم اتأذى من الركام
لان هذه الفوبيا اعتبرها قاتلة، اذكر في سنة 2013 حينما حصل انفجارين خلف مدرستي
لن أسرد كيف كان الدخان فوق رأسي كالغيوم المتكاثفة عند الصوت الأول
حيث تجمدت مكاني أنظر بصدمة، لكن عند الصوت التالي للإنفجار الثاني تم التدافع بين الطالبات
كان الجميع يهرب ويصرخ لكني لم أتحرك من مكاني خطوة، مما جعل حارس المدرسة يسحبني
مع بقية الطالبات إلى قبو المدرسة، بالكاد قد دخلت في ممر المبنى المدرسي ورأيته يحاول إقفال الباب الحديدي، فقدت صوابي! حشد من الطالبات، الظلام، الباب سيغلق، ربما سأدفن تحت الركام
وتعلق جثتي هنا بينهم! هذا ما كان يجول في رأسي خلال ثواني، وكان بالنسبة لي هذا الخوف الحقيقي!
لذا لم آبه وتهورت لأدفع الحارس وأخرج من الباب ركضاً أريد العودة للمنزل
لم أكن أريد الاختباء بمكان مغلق، كان الخارج أهون نفسياً! السيارات تطير من السرعة حرفياً
والناس في الطرقات منهم من يركض ليأخذ بناته، والبعض الآخر كان يهرول ناحية الدخان
التفت برأسي وراودني اهتمام كبير لرؤية ما جرى هناك، لكن طمآنة أهلي كان أولى..
ومن الجيد بأني لم أذهب، فالإعلام وحده بث مشاهد مرعبة لأشلاء وجثث جعلتني أبكي وأنهار
ظننت بأن أموراً كهذه تحدث في الأفلام فحسب، هذه المشاهد تكون في الروايات فقط
لا أدري كيف كان سيكون الأمر لو رأيت هذا بأم عيني بشكل مباشر ..
لذا الحمدلله على كل حال، الحمدلله بأني تجنب مخاوف تكاد تقتلني نفسياً
الله يرحم كل مين توفى بهذا الزلزال، شهداء بإذن الله وارتاحوا من هم الدنيا والآخرة
تعددت الأسباب والموت واحد، لكن موتهم كان رحيم الآخرة والحمدلله
حزني على من أصبح يتيماً بين ليلة وضحاها
العزاء لطالما كان للأحياء وليس الأموات، كل من خسر
أهلاً وسكناً، الله لن ينساكم وقلوبنا ع بعض، ربي يفرج ويعوض خير
مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ