أنا معجب بالدراما السورية فكتبت هاتين القصتين وهما مستوحتان من الدراما السورية
القصة الأولى
دمشق
1907 م
أبطال القصة:
-محمد: شاب مليح ، متزوج من حميدة
-حميدة: شابة جميلة، متزوجة من محمد
-ياقوتة: ابنة محمد وحميدة، وهي طفلة رقيقة شديدة الذكاء وعمرها ستة أعوام
________
لدى العائلة دار فسيحة تتوسطها بَحْرَّة لا تنضب. وماءها بارد عذب تشرب منها الطيور الفارة من سخونة الشمس الحارة البازغة- وفوق البحرة أغصان شجرة الليمون المتدلية: وعلى أحد الأغصان يوجد عش عصفور أزرق وسمين، يعيش معهم في الدار في سلام ووئام. لا تزعجه العائلة ولا تقترب منه- وهو الآخر لا يغرد في الليل حين يكونو نائمين.
لحظة وصول الأب المنهك، من العمل، إلى المنزل تستقبله زوجته بتلهف، وتقول وعلى وجهها أحلى ابتسامة:
-ابن عمي .. لقد طبخت لك الأكلة التي تحبها.. (مقلوبة بالدجاج)
-الله يرضى عليكِ يا حميدة.. لا حاجة بي إلى طعام، فقد شبعت من نظرة عيونك الباسمة
-أمي! أبي! كفاكما ثرثرة.. هيا نأكل فأنا جائعة جداً،- قالت الطفلة ياقوتة
-حسناً يا أميرتي الصغيرة،- قال الأب وهو يسارع بحمل صغيرته فوق كتفه
بينما ذهبت الزوجة إلى المطبخ لتسكب الطعام من قلب القدر إلى بطن الصحن.
في المساء
تجلس حميدة قرب زوجها محمد يراقبان القمر المغطى باللون الأصفر الشاحب
سعى سرب طيور مهاجرة بالمرور أمام وجه البدر.
استمتعت العائلة الوديعة اللطيفة بهذا المشهد الأخاذ
براد الشاي المطبوخ على الفحم زاد من حلاوة السهر
والنرجيلة مستقرة في فم الزوج ويدخن بمتعة
والطفلة تلعب أمام مرمى عينيه.
بسطت الزوجة ذراعيها، وقالت في دلال وغنج:
-ابن عمي!
-يا عيون وقلب وروح ابن عمك!
-نريد الذهاب إلى البساتين الممتدة؛ لكي نأكل ونشرب ونتمادى في البسط والانسجام مع الطبيعة.. هل أنت موافق؟
-لا مانع لدي- سأشتري الكمية اللازمة من اللحم لهذه الرحلة. وسوف أستأجر حوذياً يصطحبنا إلى هناك
قفزت البنت الرقيقة من الفرحة وقالت في حماس: سوف نذهب إلى الأرض الخضرة؛ لكي أركض وراء الفراشات، وأشاهد الضفادع وهي تنقنق عند ماء النبع، يا سلام!
-ومتى سوف نذهب يا زوجي الحبيب؟
-الخميس القادم إن شاء الله
ذهبت البنت الصغيرة إلى النوم بعدما قبلت أمها وأبيها.
بعد ذلك تفرس الزوج في ملامح زوجته وأخذ يمس شاربه الكثيف ويغمز لها. أما الزوجة فنكست رأسها لتخفي ابتسامتها الفاتنة الساحرة.
القصة الثانية
1909 م - (حارة المشمش)
استأجر شامل، وهو بيطار الخيول، دكاناً لتركيب وتشذيب حدوات الأحصنة. كان شامل يعتاش هو وعائلته من هذه المهنة ويجني مالاً كافياً لعيش حياة كريمة.
قبل مغرب الشمس بقليل وصل حمار ناصع البياض إلى الحارة. وكان المسكين يئن من الألم. لقد حفي حافره وتقشر من كثرة المشي. أخيراً اهتدى الحيوان إلى دكان شامل. فتش الرجل في قائمته الخلفية فوجد حصى سوداء صغيرة فأخرجها منه. بعدها ألقى الحمار رأسه في صدر شامل كأنه يشكره فأخذ الرجل الطيب يمسح على رأسه وأذنيه.
قال شامل مستعجباً: ما أدرى هذا الحمار، أنني بيطار الخيول الوحيد في الحارة؟ على أي حال: سوف آخذ هذا المخلوق الضعيف إلى منزلي وأضعه في الفناء؛ لكي أعتني به.