("إني أرى المَرأةَ في المنام، فأعرفُ أنَّها لا تَحِلُّ لي، فأصْرِفُ بصري عنها") ابنُ سيرين.
ما أصدقَ الحُبَّ حينما يكتملُ بالوفاء، فالحبُّ زهرةٌ جميلةُ، والوفاءُ هو قطراتُ الندى التي تنزلُ عليها، والخيانة هي الحذاءُ البغيض الذي يدُوسُ على الوردةِ فيسحَقَها. يقول الإمام الشافعي:
تُعلّمُنا سورةُ يوسُف أنَّ الذين يريدون العلّو بذواتهم مِن خلالِ التآمر على الآخرين وتدبيرِ المكائد سوفَ يسقُطون وستظهرُ حقيقتُهم ولو طال الزّمان، حتّى لو غفرنا وعفونا، وأن الظُلم عاقبتهُ وخيمة، فالأيدي التي ألقتْ يوسفَ في الجُبّ هي نفسُ الأيدي التي امتدتْ ذليلةً تسألهُ الصدقة فيما بعدْ.
{قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} هنا تتعجب زوجةُ إبراهيم عليه السلام من أمرِ الإنجاب، وقد تقدم العُمُر بها وبزوجها وحُقَّ لها ذلك، فقد رُوي عن بعض أهل العلم قولُهُم أن إبراهيمَ عليه السلام بلغ المائة سنة آنذاك، بينما زوجته سارة بلغت التسعَ وتسعينَ سنة. لتُنكرَ عليها الملائكةُ تعجُبَها {قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}! فعندما يَشاءُ اللّٰه فلا قيمةَ لقوانينِ الحياة، ولا وَزن لتدابيرِ البشَر، ولا أهميّة لحواجزِ المُستحيل.
أحبُ هذه الآية القرآنية وأتخذُها منهاجاً في التعامل مع الناس، أفعل ما يَليقُ بي وبشخصي، ما جُبلت نفسي عليه من إحسانٍ وخير، لا أُبدي ما يسُوء ولا أُعامِل بالمثَل، لا أَلتفتُ لما قد كان، ولا أَنصاعُ خلف رداتِ الفعل؛ {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ} أي يعملُ بِما يليقُ بهْ.
("أنتَ لم تحبها هيَ، أنتَ أحببت جزءاً مِن روحكَ وضعهُ اللّٰهُ فيها، فهي مخلوقةٌ من ضِلعك، أقربُ مكان إلى قلبك لذلكَ مُنتهى الحُب أن تناديها يا أنا، وهي لم تُحبكَ أنت، هي أحبت الوطنَ التي نُزعت منه فعندما ترجعُ إلَيك تشعرُ أنك وطنها, إنهُ حنينٌ غريب كحنينِ القارب لحضنِ الشط, كحنينِ المُسافر لرائحة البيت"). مصطفى صادق الرافعي.
من المرُوءة وحُسنِ العهد أن لا تنسِف فضائل شخصٍ لأجل موقفٍ عابِر أو حدثٍ عارض، أن لا تُرجِّح كِفّة قياسٍ خاطئ على كِفّة مليئة بالعطاء والإكرَام والتفاني، أن لا ترتدِي ثوب الغِلظة والتنكُّر أمام مَن أحسَن إليك يومًا وحفِظ لك قَدرك ولم يُقصِّر في حقّك، وهذه المعاني لا يُدركها إلاَّ النبلاء.
ولو سألتنِي عن الحُبّ لحدّثتُك كيف يحوّل شخصٌ واحدٌ فقط، باتصالٍ واحدٍ فقط، برسالةٍ واحدةٍ فقط، بكلمةٍ واحدةٍ فقط، حياة شخصٍ آخر من العدم إلى الوجود، من التعَب إلى العافية، كيف يُعيد له رئتيه وملامحهُ وضحكته وشعورهُ بالرغبة في الحياة أكثر . الحبّ شيءٌ أقربُ لنفخ الروح.
نفسياً، كُلما سعى الشخص إلى الترَفُعِ عن سخافاتِ وتفاهاتِ بعض الأمور المُحيطة بحياته كلما إتهَممه بعض الناس بإنه إنطوائي ومتكبرٌ وغريبُ الأطوار حتى لو كان شخصاً عادياً، رغم أنه شخصٌ إجتماعي إلاَّ أن الأحاديثَ الرديئة والمجالِس الفارغة لا تستهوي نفسه ولا تيُّمُ عقله. قال صلى اللّٰه عليه وسلم «مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ».